كمبيوتر

التؤام الرقمي

التؤام الرقمي

بدأ مفهوم التوأم الرقمي (Digital Twin) بالتوسع في استخداماته وجذب انتباه الشركات والمؤسسات، حتى أصبح هذا المفهوم اليوم أمرًا رئيسًا عند تطبيق التقنيات الحديثة وضمن الأعمال التجارية. فما هو مصطلح التوأم الرقمي؟

يُعرف التوأم الرقمي بأنه نسخة إلكترونية طبق الأصل لكائن حي أو آلة أو أجزاء منهما، بحيث يتم ربط الجسم الحقيقي مع نسخته الإلكترونية الافتراضية، بطريقة تسمح بنقل البيانات بين الجزأين، وبهذا يتم الحصول على نسخة طبق الأصل من المجسم، تستجيب للعوامل الخارجية وتتفاعل معها بطريقة مطابقة لما يقوم به الأصل.

ويمكن من حيث المبدأ إجراء نسخ وتكوين توائم رقمية لأي كائن أو برنامج أو مكان أو نظام معين.

وبمعنى آخر، فإن التوأم الرقمي ما هو إلا تمثيل رقمي لأجسام العالم الحقيقي، يتيح للشركات اختبار نتائج أي تعديلات محتملة على أعمالها، قبل تطبيقها على أرض الواقع.

وبينما يذهب بعضهم إلى أن التوأم الرقمي هو مصطلح جديد، فإن مؤسسة جارتنر (Gartner) للأبحاث ترى أنه يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود، خاصة أن وكالة ناسا استخدمت أنظمة المحاكاة لهذا الغرض منذ أكثر من ثلاثين عامًا.

آلية العمل

ويتم التأكد دائمًا من الاتصال بين جزأي التوأم الرقمي، والتحقق من المعلومات التي يتم نقلها بينهما، لذا يُزوَّد الجزء الفيزيائي بعدد كبير من المستشعرات، التي تقوم بقياس جميع التغيرات وتحولها إلى بيانات مفيدة يتم نقلها للجزء الرقمي للحصول على تطابق كامل بين الجزأين.

وتساعد عمليات المحاكاة عبر التوأم في إنشاء وتخطيط العمليات وطريقة العمل واكتشاف العيوب في الجزء الأصلي، كما تنفع في توظيف بيانات البحث الخاصة لاكتشاف كيفية تشغيل أجزاء أي من الأنظمة واستجابتها للبيئة والظروف المتوفرة، مدعومة بالبيانات المقدَّمة من النظام.

وتستخدم تقنية التوأم الرقمي عددًا كبيرًا من التقنيات الحديثة التي ظهرت في الأعوام القليلة الماضية، وهي إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة، بالإضافة إلى برامج تحليل البيانات المخزنة سابقًا، التي تم جمعها من المستشعرات الموجودة في الآلات القديمة، ويتم دمج كل ذلك للحصول على النسخ الرقمية التي تحاكي الأصل، وتتصرف بطريقة مشابهة للواقع تمامًا.

فوائد عديدة

يسمح مفهوم التوأم الرقمي بتقليل تكاليف الإنتاج، حيث ستوفر المؤسسات التكاليف عندما تكون المنتجات جاهزة للعمل من أول تشغيل، كما يُسهم في التخلص من اختبارات مادية مكلفة أو الحاجة إلى تحديثات للمنتجات أو الإجراءات.

ويعمل مفهوم التوأم الرقمي على تقليل مشكلات جودة المنتج، فيتم محاكاة سيناريوهات العالم الحقيقي المتنوعة لمساعدة المؤسسات في فهم التأثيرات المحتملة، وتحسين العمليات، واكتشاف مشكلات جودة المنتج إن وُجدت.

ويتنبأ التوأم الرقمي أيضًا بمشكلات الصيانة المحتملة من خلال النماذج، التي تلتقط بيانات حول عوامل الخطر المختلفة، وسيناريوهات التشغيل، وتكوينات إطار العمل. كما يساعد في تخفيض النفقات الإضافية، وتحسين موثوقية المعدات، وتقليل وقت التوقف، ويطيل من عمر الاستخدام.

أما بالنسبة إلى القوى البشرية، فيمكن للتوائم الرقمية إعادة إنتاج مواقف خطرة في الحياة الواقعية لتدريب العاملين، كما يمكن للموظفين أيضًا أن يكونوا مستعدين للتعامل مع المعدات التي لا يمكن التدرب عليها عمليًا.

تطبيقات التوائم الرقمية

من أشهر تطبيقات التوائم الرقمية هو نسخة المكوك الفضائي التابع لشركة ناسا، الذي أنشأته لتشخيص أعطال المركبات الفضائية وإصلاحها في الفضاء، وبالتالي استطاعت من خلال هذه النسخة معرفة المشكلات التي أدت إلى تعطل مركبة أبولو 13.

ويتم استخدام هذه التقنية في كثير من الشركات اليوم، ومنها شركة (جنيرال إليكتريك)، التي قامت بتصميم نظام يعمل بتقنية التوأم الرقمي لإدارة ومراقبة البيانات التي تأتي من مولدات طاقة الرياح، ومن محركات استخراج النفط والغاز، ومن محركات الطائرات النفاثة التي تصنعها الشركة، ويتم تزويد كل محرك أو مولد بعدد كبير من المستشعرات، التي تقوم بإرسال جميع المعلومات إلى مراكز البيانات لتكوين توأم رقمي بصورة آنية.

وبشكل مشابه تقوم شركة (تسلا) الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية بخلق توأم رقمي لكل سيارة من سياراتها، حيث يُزوَّد التوأم الرقمي للسيارة بمعلومات من النسخة الحقيقة وبالعكس، وتتمكن الشركة بهذه التقنية من إجراء صيانة كاملة لنظام تشغيل السيارة عن بُعد وبسرعة.

أما في مجال الطب، فيمكن استخدام مجموعة من التوائم الرقمية لبحث فاعلية العلاج واحتمالات الشفاء قبل تجربة الدواء على المريض. وبحسب دراسة دولية نُشرت في دورية جينوم ميديسن (Genome Medicine)، بدأ الباحثون في بناء التوأم الرقمي لالتهاب المفاصل «الروماتويدي»، ثم قاموا بتجربة البرنامج على فئران التجارب، وأظهرت النتائج أن الأدوية التي يقوم البرنامج باختيارها طبقًا لكل حالة تأتي بنتائج إيجابية أكثر من الأدوية التي يختارها الأطباء.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge