بطاقة استيعابية تتجاوز ١٢٠٠٠ جالون من المياه في الدقيقة

تشغيل أحد أكبر مرافق إزالة الكبريتات في عين دار

تشغيل أحد أكبر مرافق إزالة الكبريتات في عين دار

في صناعة النفط والغاز، ولغرض تحسين الإنتاج وتطويره، ثمة طرق عديدة لدعم الضغط الطبيعي لمكامن النفط والغاز. ومن بين هذه الطرق حقن مياه البحر.  ولكن في بعض الأحيان يتفاعل ملح مياه البحر مع التكوين الجوفي فيؤدي إلى حدوث مشكلات في إنتاج النفط والغاز، حيث تتسبب التشكيلات القشرية في سد مسام المكمن مما يؤثر على الإنتاج.

ولحل هذه المشكلة يجب إزالة الملح قبل الحقن، وهو ما يُعرف بمصطلح (إزالة الكبريت)، وقد قامت أرامكو السعودية، مؤخرًا، بتشغيل أحد أكبر المحطات البرية لإزالة الكبريتات في العالم في عين دار.

بدء إزالة الكبريتات  

في سبتمبر 2020م، بدأت الشركة تشغيل خمس وحدات عملاقة جديدة لإزالة الكبريتات على الحدود الشرقية لمكمن الغوار، الذي يُعد أكبر مكمن للنفط والغاز على مستوى العالم. ويأتي بدء التشغيل بعد توقيع العقد في يناير 2018م وبدء تنفيذه في أكتوبر 2018م، حيث استغرق بناء معمل إزالة الكبريتات في عين دار 21 شهرًا.

وتستمد هذه المنشأة الجديدة المذهلة الطاقة من محطة حقن المياه في عين دار لتنشيط محركاتها الكهربائية، وتحتوي على محطة فرعية، وخمسة خطوط ترشيح نانوية، وأربع مضخات حقن مياه عالية الضغط، فضلًا عن المرافق العامة.

وتميز المشروع بتقنية بناء جديدة تضمنت استخدام البوليمر لفاعليته من حيث توفير التكلفة والوقت في تثبيت الرمال على خطوط الأنابيب، إضافة إلى استخدام شباك غير معدنية متينة وخفيفة الوزن.

استخدام مياه البحر لتحسين الاستخلاص

تمثل مياه المحيط أكثر من 95% من مياه الكرة الأرضية. لذلك فإنه من المنطقي استخدامُ مياه البحر في أراضي المملكة القاحلة لتعزيز استخراج النفط، كما أن ذلك يُسهم في المحافظة على المياه.

وتوفر وحدات إزالة الكبريتات أكثر من 12000 جالون من المياه في الدقيقة لاستخدامها في تحسين استخلاص النفط. ومن خلال كل وحدة، تضخ المنشأة التي تبلغ مساحتها 100٫000 متر مربع مياه الخليج عالية الضغط التي تنقل من معمل أرامكو السعودية لمعالجة مياه البحر في القريّة، عبر مرشحات ذات أغشية دقيقة لحقنها في حقلي عين دار وفزران في الغوار.

وتعليقًا على ذلك وصف مدير إدارة مشاريع المرافق النفطية، الأستاذ أحمد العارضي، استخدام مياه البحر المحلاة لدفع النفط من المكمن إلى البئر بالاستخدام الحكيم لموارد المملكة الثمين، وقال: «إن استخدام مياه البحر ذات الكبريتات المنخفضة له تأثير أقل على المرافق التشغيلية، ممايؤدي إلى انخفاض حجم المخلفات الصناعية».

تحلية مياه البحر

تتطلب تهيئة مياه البحر لتكون مناسبة للاستخدام الصناعي استخدام الضغط. ومياه الخليج مالحة على نحوٍ خاص حيث تحتوي على ما يقارب 57000 ملليغرام من الملح لكل لتر، وهي نسبة أعلى مما هو معروف في معظم المحيطات والبحار حول العالم.

كما تَستخدم وحدات إزالة الكبريتات الخمس مرشحات ذات أغشية نانوية (متناهية الدقة) لإزالة الملح والشوائب على نطاق واسع. ويقول مهندس المشروع، حسين الرمضان، إن وحدات الترشيح النانوية المتطورة تمنع مرور كل ما في الماء من كبريتات تقريبًا.

وقال العارضي: «تعمل الوحدات على خفض نسبة الكبريتات في مياه البحر من 4400 جزء في المليون إلى أقل من 200 جزء في المليون».

وتزيل المرشحات ذات الأغشية النانوية الأملاح الكبيرة المذابة- الأيونات ثنائية التكافؤ والأكبر من ذلك، والأيونات بشحنة إلكترونية 2 والأكبر من ذلك. وعلى الرغم من أن الأملاح والأيونات المذابة الصغيرة أحادية التكافؤ، إلا أنها سوف تمر عبر المرشحات لعدم وجود تأثير لها على تكوين المكمن.

الاستفادة من كل قطرة

وقال العارضي إن مياه البحر غير الصالحة يُعاد توجيهها مرة أخرى إلى آبار حقن المياه الحالية، حيث «لا تذهب قطرة من مياه البحر سدى». ويشرح ذلك بقوله: «بالرغم من ارتفاع نسبة الكبريتات في المياه غير الصالحة، إلا أنه يمكن استخدامها في حقول النفط، التي لا تتفاعل كيمياء النفط والغاز فيها مع الكبريتات».

تُرسل المياه المنتجة من مرفق عين دار إلى مكمنيّ شمال الغوار والفاضلي الأدنى، علمًا أن أراضي المملكة تضم عددًا ضئيلًا من مكامن النفط الضخمة والمنتجة، وتتميز بمعدلات حرق غاز منخفضة لكل برميل، ومعدلات منخفضة كذلك في إنتاج المياه.

وهو ما أدى إلى انخفاض مقدار الشوائب الناتجة من كل وحدة نفط، والحاجة إلى طاقة أقل لفصل السوائل ومناولتها ومعالجتها وإعادة حقنها. وهي عوامل تسهم جميعها في تقليل كثافة الكربون في قطاع تنقيب وإنتاج الزيوت العربية.

مصادر خريص المتعددة 

افتتح حقل خريص، الذي يُعد أحد أكبر الحقول الذكيّة في العالم، مؤخرًا مرفقًا متعدد المصادر لتحلية مياه البحر بطريقتي التناضح العكسي وإزالة الكبريتات.

ابتدأ الإنتاج في أغسطس لعام 2020م، وتُعد هذه المنشأة الأولى من نوعها في أرامكو السعودية، وهي جزء من التزام حقل خريص البيئي للتوقف عن استخدام المياه الجوفية (غير الصالحة للشرب) في معالجة النفط الخام.

ويتم معالجة مياه البحر باستخدام أغشية نانوية (متناهية الصغر) ثم يتم حقنها، بعد أن تصبح قليلة الكبريتات، في مكمن الفاضلي الأدنى في حقل خريص؛ لتحسين إنتاج النفط الخام من خلال تقليل تكون التكوينات القشرية وانسداد مكمن النفط الذي تسببه الكبريتات.

ويحتوي مرفق التناضح العكسي لمياه البحر وإزالة الكبريتات في خريص على 14 وحدة، وينتج أربع تيارات مياه بعدة مواصفات أيونية، تُستخدم كل منها لأغراض مختلفة.

شبكة الغاز الرئيسة في معمل مياه البحر في القريّة منذ عام 1978م

في عام 1976م، وصفت أرامكو السعودية شبكة الغاز الرئيسة بأنها «أكثر مشروع طموح للطاقة في التاريخ». وبعد اكتمال شبكة الغاز الرئيسة مبدئيًا في عام 1982م، وهي الفريدة من نوعها وغير المسبوقة من حيث النطاق والتكلفة في ذلك الوقت، أصبحت قادرة على معالجة ما يقرب من 3.5 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، أي مكافئ الطاقة لـ 750٫000 برميلٍ من النفط الخام .

وبذلك تم تخصيص الغاز المصاحب للاستخدام الصناعي، بعد أن كان يُستخدم في  المحافظة على الضغط في مكمن النفط. ثم لجأت أرامكو السعودية لبديل أكثر فاعلية للمحافظة على ضغط المكامن، ألا وهو حقنها بمياه البحر المعالجة.

بدأ معمل معالجة مياه البحار في القريّة ، أحد المشاريع الضخمة، بضخ 3.7 مليون برميل يوميًا من مياه بحر الخليج العربي في عام 1978م، واستطاع المعمل إزالة الشوائب، ولكن ليس الملح.

وعبر خطوط أنابيب ضخمة مصممة لمقاومة التآكل الذي تسببه مياه الخليج شديدة الملوحة، جرى نقل مياه البحر المعالجة إلى مرافق الحقن في حقل الغوار. وحل نظام أرامكو لحقن مياه البحر محلَّ نظام سحب المياه من طبقات المياه الجوفية المالحة على اليابسة للمحافظة على ضغط المكامن.

Photo

You are currently using an older browser. Please note that using a more modern browser such as Microsoft Edge might improve the user experience. Download Microsoft Edge