في إطار المسؤولية الاجتماعية والمواطنة..
برامج ومبادراتٌ تُبهج الأطفال وتصنع الأجيال
بالنسبة لنا نحن معشر الآباء والأمهات، فإن أطفالنا هم فلذات أكبادنا ومُهج قلوبنا؛ نعصر أرواحنا لنسقيهم كأس هناء يعصمهم من شظف العيش، ونكدح في مذاهب هذه الدنيا كدحًا عسى أن ينعموا بحياة رغيدة لا نَصَب فيها.
ولهذا، فإن تلك الوجوه البريئة والأرواح النقية هي كلُّ ما نحفل به طيلة أيام السنة، ما وجدنا إلى ذلك سبيلًا؛ وليس هذا عجبًا من القول، فهم حقًا حدائق أعيننا اليانعة أبد الفصول، وأنهار سعادتنا التي لا تسأم من الجريان.
لكن العشرين من نوفمبر من كل عام، هو اليوم الذي تخيَّرته الأمم المتحدة للاحتفاء بالطفل، فمنذ عام 1954م، أُقرَّ هذا اليوم كمناسبة عالمية يُحتفل بها لتعزيز الترابط الدولي، وإذكاء الوعي بين الأطفال وتحسين رفاهيتهم في جميع أصقاع الأرض، وكذلك للتذكير بحقوق الطفل، غاية آمال هذا الكوكب في غدِه المُقبل.
ولأن الأطفال هم بُناة المستقبل وأمل الغد المشرق، تتضافر جهود الجهات المحلية والدولية في سبيل تمكينهم، وتذليل الصعوبات التي تعترضهم في كافة المجالات، بما في ذلك توفير المتطلبات الرئيسة للحياة، والحماية من العُنف والاستغلال، وتعزيز التعليم والصحة ووسائل التقنية المتاحة لهم. ويمكن القول إن تلك الجهود أسفرت عن إحراز شيء من التقدم في بعض الجوانب، مثل محو الأمية، لكن لا يزال هناك كثيرٌ من العمل في جوانب كثيرة أخرى!
وكجزء فاعل من النسيج الاجتماعي العالمي، تجد أرامكو السعودية نفسها أمام أدوار تنهض بها تجاه هؤلاء الأطفال جيلًا بعد جيل، انطلاقًا من قيمة المواطنة والمسؤولية الاجتماعية التي تعتنقها. وفي هذا الصدد، لطالما نظَّمت الشركة على مدار الأعوام الماضية عديدًا من البرامج والمبادرات التي تضع الأطفال نصب أعينها، وهي جهودٌ كان لها أثر ملموس لدى كثير من الآباء والأمهات، ولا تزال تحتفظ بموقعها من الذاكرة عند بعض هؤلاء الأطفال، الذين كَبُروا وأصبح بعضهم مُسهمين فاعلين تحت مظلة هذه الشركة وعبر مناطق أعمالها.
وفي حين قد يصعب إحصاء كل تلك الجهود في عجالة هذه الأسطر، فإنها تفي بغرض تسليط الضوء على بعض الأمثلة في هذا الجانب، لاستذكار ماضٍ جميل، وتحفيز الجهود نحو صنع مستقبل أجمل!
مدارس الشركة الحكومية
تمثِّل مدارس الشركة الحكومية 66 عامًا من الاستدامة في التعليم، حيث افتتح الملك سعود بن عبدالعزيز، رحمه الله، أول مدرسة بنتها أرامكو السعودية، وذلك في 29 من نوفمبر عام 1954م، لتكون تلك هي اللبنة الأولى لأرامكو السعودية في دعم التعليم في المنطقة.
وقد استمرت تلك المسيرة حتى وقتنا الحاضر، حيث بلغ عدد المدارس التي بنتها أرامكو السعودية 147 مدرسة حكومية، منها 77 مدرسة للبنين و70 مدرسة للبنات، موزعة على مدن وأحياء المنطقة الشرقية، حيث تستضيف هذه المدارس أكثر من 77 ألف طالب وطالبة، ويعمل فيها أكثر من 7000 شخص. وتُعدُّ هذه المدارس رافدًا من روافد التعليم في المملكة، حيث إنها أسهمت في تخريج أكثر من 2.3 مليون طالب وطالبة.
ويحافظ قسم المدارس الحكومية التي بنتها أرامكو السعودية على استدامة هذه المدارس عبر متابعة الصيانة الدورية والوقائية لها، وتطوير كافة مرافقها بالمشاريع المختلفة، واعتماد أعلى معايير السلامة المتبعة في البناء، وتزويدها بأحدث التجهيزات العلمية والتقنية.
وقد أُنشئت بوابة إلكترونية تفاعلية للتواصل مع قادة المدارس لما فيه تطوير الخدمة المقدَّمة، حيث تتلقَّى هذه المنصة أكثر من 50 ألف طلب سنويًا. كما تُقدَّم برامج متنوعة تُسهم في توعية النشء وتدريبهم على الممارسات الإيجابية، ومن بينها البرامج الصحية وبرامج السلامة المرورية والوقاية من الحرائق، إلى جانب عديد من الحملات التوعوية الأخرى، كإعادة التدوير وترشيد المياه والطاقة.
المكتبة المتنقلة
انطلق برنامج المكتبة المتنقلة عام 1982م، بهدف إثراء معارف الطلاب ونشر ثقافة القراءة بين الناشئة، من خلال إعارة الكتب المتنوعة، مما يُسهم في زيادة مستوى إدراكهم وتحصيلهم العلمي، ويخلق فيهم نوعًا من العُلقة الدائمة، التي تشدُّهم إلى المكتبات كمنابع لا غنى عنها في تحصيل المعرفة.
وفي أول أمره، استهدف البرنامج المدارس الابتدائية للطلاب، قبل أن يتوسَّع لاحقًا ليشمل المدارس الابتدائية للطالبات، كما نُظِّمت في مرحلة لاحقة عدد من الزيارات التي استهدفت رياض الأطفال، لتُفيد الفئة الأصغر عمرًا. إلى جانب ذلك، شاركت المكتبة المتنقلة عبر عديد من الفعاليات المختلفة، ومن بينها المعارض الثقافية وملتقيات القراءة.
وعلى مدى ما يربو على ثلاثة عقود، جابت قوافل المكتبة المتنقلة مناطق المملكة ومدنها، كما حطَّت رحالها في عدد من القرى والمواقع النائية، حاملة معها باقة مختارة وواسعة من الكتب عبر مختلف حقول المعرفة، ليستفيد منها آلاف الطلاب والطالبات من مئات المدارس الابتدائية.
"أريد أن أسمع"
على مدار ثلاثة أعوام بدءًا من عام 2016م، نظَّمت أرامكو السعودية حملة تبرع للموظفين تحت شعار "أريد أن أسمع"، وذلك بهدف تمكين الأطفال، الذين يعانون من صعوبات في السمع، من الاستفادة من السماعات الطبية لينعموا بسماع ما حولهم بوضوح أكبر، بما من شأنه أن يُسهم في تمكين هؤلاء الأطفال من بناء مستقبل أكثر إشراقًا، ويساعد في تعزيز قدراتهم على التكيف مع المجتمع.
ودأبت الشركة خلال هذه الحملة على مضاعفة أثرها، من خلال التبرع بمبلغ يماثل مجموع تبرعات المشاركين. وقد نجحت الحملة بفضل سخاء موظفي الشركة وموظفاتها في إفادة كثير من المستفيدين عبر مختلف مدن المملكة وقراها.
برامج تحفيز العلوم
منذ أمد ليس بالقصير، حرصت الشركة على تنظيم مبادرات تحفِّز الطلاب والطالبات على الاهتمام بالرياضيات والعلوم والتقنية، إدراكًا منها لأهمية ذلك في صنع جيل قادر على التفاعل مع متطلبات العصر الحديث.
فعلى سبيل المثال، نظَّمت الشركة برنامج مبادرة الرياضيات والعلوم عام 2009م، بهدف تقديم تجربة تعليمية فريدة للطلاب، وتعزيز مهاراتهم في هذه الحقول المعرفية المهمة. كما أسهمت الشركة خلال عدة أعوام في رعاية عدد من الجوائز العلمية للاحتفاء بالمتفوقين في هذه الحقول.
وفي عام 2016م، نظَّمت الشركة برنامجها التعليمي للطلاب في مجال العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، بهدف تقديم تجربة تفاعلية جاذبة تساعدهم على تطبيق ما يتعلمونه في هذه المجالات عبر تجارب عملية ملموسة في الحياة اليومية، وبطريقة تكاملية يسودها العمل الجماعي وروح الفريق الواحد.
كما أطلقت الشركة برنامج شغف العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات للطالبات، لتشجيع فتيات المرحلة الابتدائية والمتوسطة على ارتياد هذه الحقول المعرفية وصقل مهاراتهن فيها، من خلال تقديم تجارب عملية ممتعة، وإتاحة الفرصة لهن للتواصل مع بعض الرائدات في هذه المجالات.
إثراء الأطفال
ومنذ انطلاقته الأولى، خصَّص مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) مساحة واسعة من برامجه للأطفال بمختلف فئاتهم العمرية، حيث يضمُّ بين جنباته متحفًا خاصًا بهم، يستضيف باقة من الفعاليات والبرامج الرامية إلى إثراء حياتهم من خلال التجارب التفاعلية المبنية على اللعب.
ومن بين هذه البرامج، تجدر الإشارة إلى مخيمات الأطفال السنوية، التي تقدِّم باقة من الفعاليات المتنوعة التي تمزج المعرفة بالمتعة، بهدف تقديم تجربة مُثيرة ومُثرية، تُسهم في صقل مهاراتهم ومساعدتهم على اكتشاف ذواتهم وصنع مستقبلهم. وتأخذ هذه المخيمات الأطفال عبر رحلة معرفية مشوقة ضمن مسارات متعدّدة تُشبع رغباتهم، وتجيب عن أسئلتهم فيما يتعلق بالمهن والمهارات الحياتية المختلفة.
إلى جانب ذلك، تستضيف مكتبة إثراء بشكل منتظم برامج قراءة القصص للأطفال، كما تحتضن فعاليات مسابقة القراءة الوطنية، (أقرأ)، التي تتضمَّن مسارات تستهدف المراحل الدراسية المختلفة. وعلى مدار نُسخها الست الماضية، استقطبت المسابقة أكثر من 71 ألف مشارك ومشاركة.
شرح الصورة أعلى الصفحة: عندما افتتح الملك سعود بن عبدالعزيز أول مدرسة بنتها أرامكو السعودية في ديسمبر عام 1954م، كانت هي اللبنة الأولى لدعم التعليم في المنطقة، واستمر هذا الدعم حتى وقت الحاضر حيث بلغ عدد المدارس التي بتها أرامكو السعودية 147 مدرسة حكومية.